Wednesday, July 13, 2011

يوم أن اكتشفت والدى والأفلام الهندية

ده أحد منتجات مزرعة طرة، هكذا عرفنى والدى على أحد رفاقة القدامى فى الجهاد، كان الأمر بالنسبة لهم مفهوم بل أحيانا مدعاة للتذكر والحنين، بالنسبة لى كان الأمر مختلف.
عرفت لأول مرة أن بذرتى بدأت فى أحدى الزيارات الزوجية لوالدى فى سجن مزرعة طرة عندما كنت كبيرا، 12 عاما تقريبا، فقط فكرت كيف أتذكر أول مرة شاهدت فيها والدى.
كان عمرى وقتها أربع سنوات، هى الذكرى الوحيدة التى أحملها بوضوح من طفولتى، يوم خروج والدى الأول، وهو خروجه الأول لأنه تم اعتقاله بسبب أو بدون أكثر من مرة لاحقا، كان قد أنهى لتوه مدة طويلة خلف القضبان متنقلا بين سجون المحروسة فى "تشريفة" تليق بأحد أمراء جماعة الجهاد التى اغتالت الرئيس الراحل أنور السادات.
كان وقتها يتم عرض أحد أفلام اميتاب باتشان على القناة الثالثة يوميا الساعة العاشرة مساء، لم نملك تلفازا حتى كنت فى ال13 من عمرى ولذلك حكاية أخرى، كنت أشاهد الفيلم عند جيرانى فى العمارة المقابلة، وبينما كان اميتاب باتشان يحمل تمساحا أو يتلقى عدد كبيرا من الرصاصات دون أن يموت، كانت هناك ضجة موازية فى الشارع.
هرعنا إلى النافذة أنا وأخى وصديقى الذين نشاهد عندهما التلفاز، كانت مسيرة كبيرة من كل أهل الحى وفى المنتصف شخص طويل، قوى البنية، لديه لحية كبيرة وأسنان ناصعة البياض، وعينين جامدتين أعتادت مشاهدة أحداث جسام فلا تفرح كثيرا، وكان يرتدى جلبابا أبيض وطاقية بيضاء ناصعتين البياض يتناسبا مع أسنانه والتى كان يكشف عنها بين الحين والآخر.
كان ، أهل الحى أكثر سعادة من والدى نفسى ولكن تقديرى أنها كانت سعادة الذاهب إلى السيرك، كانوا يستكشفون ذلك الشخص الخطير، الملتحى، الأمير، الذى شارك فى اغتيال رئيس الجمهورية.
على الرغم من هذا الاستقبال الحافل لم تصبح علاقة والدى بأهل الحى جيدة يوما، على الرغم من خوضه مشاجرتين كبيرتين دفاعا عن جيران ضعفاء وهو ما أكسبه احترام أهل الحى بالإضافة إلى تمتعه بلقب شيخ.
استدعتنى أمى وطلبت منى الذهاب للقاء والدى، لم تكن تلك الكلمى فى قاموسى من قبل، أبى، كما أناديه حتى الآن، ذهبت أنا واخى لا ندرى بالظبط من نستهدف فى هذا الجمع الغفير، اقترب منا والدى ووفر علينا عناء التخمبن، لوهلة شعرت بالفخر أن والدى هو الشخص المهم، لم أكن أعرف أنه كان أميرا بعد، انهال علينا بالقبلات والأحضان، كانت ذقنه شائكة وكنت أريد العودة لمشاهدة ما فعله أميتاب باتشان بالتمساح.
تم اطلاق سراحنا، وسط دهشتى لما يغمرنا هذا الرجل بتلك العاطفة الشديدة، وذهبنا لمتابعة الفيلم مرة أخرى.
استدعتنى والدتى مرة أخرى لكى أخذ بعض الصور مع والدى، وهى صور مازلت أحتفظ بها حتى الآن، وتم اطلاق سراحى مجددا.
فى هذا اليوم تعلمت معلومتين قيمتين، الأولى أن والدى شخص مهم وضخم ويلبس ملابس بيضاء يتناسب لونها مع بياض أسنانه، والثانية أن الأفلام الهندية طويلة جدا لدرجة تمكنك من عدم مشاهدة أجزاء كبيرة منها دون أن تفقد تسلسل الأحداث.

No comments:

Post a Comment